قصص الأطفال

قصة الحمامة المطوقة

الحمامة المطوقة

الحمامة المطوقة

يحكى أنَّه في قديم الزمان وفي بلدة يقال لها سكاوندجين عند مدينة يقال لها داهر كان هناك مكان اعتاده الصيادون ليلتقطوا فيه ما قد قدر لهم من الصيد، وكان في ذلك المكان شجرة كثيرة الأغصان وفيها عش لغراب أسودَ، وبينما هو جالسٌ كعادته إذ رأى صيادًا عظيم الخلقة بشع الهيئة يتقدم فينصب شبكته وينثر فيها حبًا كثيرًا لينال صيده، فقال في نفسه: إنَّ هذا الصياد جاء ليلتقطني أو يلتقط غيري فوالله لأجلسنَّ هنا لأرى الخبر.[١]

الحمامة المطوقة وصاحباتها في الشبكة

انتظر الغراب برهةً من الزمن ليرى ماذا سيصنع القدر، وما هي إلا لحظات حتى قدمت حمامة مطوقة، والحمامة المطوقة التي يكون في عنقها طوق،[٢] كانت الحمامة مع صويحباتها وكانوا كُثُرًا، وشاء الله أن تعمى الحمامة عن الشرك المنصوب فوقعت فيه هي ومن معها، فجعلت كل حمامة تخفق بجناحيها وتشتهي الخلاص لنفسها، فانتفضت المطوقة وقالت لصويحباتها: اهدأن ولا تكنَّ نفس إحداكنّ أغلى من نفس صاحبتها، بل تعاونّ واجتهدنَ لنتخلص من هذه المحنة معًا.[٣]

فلمَّا سمعت الحمامة نصيحة المطوقة اتحدن وبدأن بلطيران إلى أعلى؛ حتى يكُنَّ في السماء، ولكنَّ الصيّاد لم يقنع بالهزيمة أمام بضع حمامات وتبعهنّ وقد ضمر في نفسه السوء لهنّ، فقال الغراب في نفسه: والله لأتبعهنَّ لأرى ما يكون من أمرهنَّ معه.[٣]

إقرأ أيضا:قصص أطفال قبل النوم عن الصدق

الحمامة ترشد صاحباتها للخلاص من الشبكة

لمَّا التفتت المطوقة ورأت الصياد يتبعهنّ وكأنه عاصفة هائجة من الغضب قالت لصويحباتها: لو أنَّنا بقينا في السماء فسيبقى الصياد ناظرًا لنا ومقتفيًا أثرنا، ولكن إذا دخلنا المدينة فسيضيع أثرنا عليه، وبمكان قريب أعرف جرذًا هو أخ وصديق لي فيقطع شراكنا ويريحنا منه، وتوجه الحمام إلى الجرذ ونادته المطوقة يا زيرك -وهو اسم الجرذ- فخرج من جحره وقال لها: ما الذي أوقعك فيه يا مطوقة، فقالت مستنكرةً عليه: وكأنك لا تعرف أن الأمر كله بيد الله ولا ينجي حذرٌ من قدر.[٣]

فبدأ الجرذ يقطع شباك المطوقة، فقالت له: ابدأ بعقد صويحباتي وكررت ذلك عليه، قال لها: ويحك كأنك لا ترعين لنفسك حقًا ولا تهتمين لأمرها، فقالت له: بل قلت لك أن تبدأ بهنّ لأني أعلم ودك لي، فلو حررتني لربما أصابك الكسل عنهنّ، ولكن إن حررتهنّ ولو أصابك التعب فلن تتركني حتى تحررني، فقال لها الجرذ: وكأنَّ كلامك لا يزيدني إلا مودة لك وتقديرًا لصنيعك، ثم إنَّ الجرذ لم يترك الشبكة حتى قرضها كلها، وأخيرًا، حرّر جميع الحمامات![٣]

العبرة من قصة الحمامة المطوقة

إنَّ كل قصةٍ تحمل في طياتها وبين سطورها عبرةً يستقيها المرء بطول النظر والتأمل، وأمَّا العبرة من قصة الحمامة المطوقة أنَّ محاولة النجاة بالنفس على حساب الجماعة لا يورث إلا التهلكة، ولا بدَّ في الحياة من خلٍّ تتوق إليه الروح في الأزمات، والاختلاف الخارجي لا يفسد للود قضية، ففي نهاية المطاف لم ينج الحمامة إلا جرذ لا يشبهها بشيء.[٣]

إقرأ أيضا:قصص أطفال قبل النوم عن الصدق

المراجع[+]

  1. ابن المقفع، كتاب كليلة ودمنة، صفحة 177. بتصرّف.
  2. الرازي، زين الدين، كتاب مختار الصحاح، صفحة 194. بتصرّف.
  3. ^ أ ب توت ث ج عبد الله بن المقفع (1936)، كليلة ودمنة (الطبعة 17)، القاهرة:الأميرية ببولاق، صفحة 179، جزء 1. بتصرّف.
هل كان المقال مفيداً؟
نعملا
السابق
أفضل الطرق للتخفيف من ألم الأسنان في رمضان
التالي
الفك: أجزاؤه، وظائفه، أمراضه، هل يمكن البقاء بدونه؟
تسوق أزياء الأطفال